Ads 468x60px

الجمعة، 9 يناير 2015

الإعلامية والمناضلة من أجل البيئة، فاطمة الزهراء زرواطي، لـ"الإخبارية": نحن بحاجة إلى قنوات تعكس واقع المجتمع وليس التأجيج والفتنة

تلقيت عروضا من فضائيات فرنسية وعربية ولكني لم أكن متحمسة للمغادرة 
ـ كنت أول من اقترح برنامجا للبيئة في التلفزيون والإذاعة



 حبها للبيئة أدخلها التلفزيون من أوسع أبوابه، فمن مهندسة دولة في الايكولوجيا والبيئة متخرجة من جامعة التكنولوجيا والعلوم هواري بومدين بباب الزوار، إلى إعلامية ذات حضور متميز على شاشة التلفزيون الجزائري سنوات التسعينات، لتصبح عام 2000 رئيسة لفدرالية وطنية لحماية البيئة، إلى مديرة للإنتاج بالقناة الجزائرية الثالثة التي كانت من مؤسسيها.

"الإخبارية": كونك مهندسة دولة في البيئة، ما الذي ربطك بعالم السمعي البصري؟
 ـ فاطمة الزهراء زرواطي: أول شيء ربطني بالعالم السمعي البصري، هو تلك الرغبة الشديدة في القيام بالخرجات والتحقيقات الميدانية، التي كنت أقوم بها وأنا لا أزال طالبة جامعية، حول المناطق السهبية، الصحراوية، والغابات، وهو جانب أعتبره جد مهم، فهو ضمان للمستقبل وضمان للأمن البيئي والغذائي، والحفاظ على البيئة والحياة. وفي سنة 1991 كنت أول جزائرية تقترح برنامجا للبيئة في تاريخ التلفزيون والإذاعة الجزائرية، فكان لي برنامجين، الأول في التلفزيون الجزائري تحت عنوان "البيئة والإنسان"، والثاني كان يبث في الإذاعة "نحن والطبيعة". خلال هذا البرنامج الأسبوعي الذي كان عبارة عن تحقيق ميداني، جبت من خلاله  وقطعت مسافات طويلة نحو العديد من المناطق السهبية، بعدها كان ظهوري على شاشة التلفزيون الجزائري من خلال حصة "صباحيات" سنة 1994، من خلال تقديم ركن خاص بالتغذية لأصبح بعد ثلاثة أشهر مقدمة الحصة الرئيسية.
  دخولك التلفزيون الجزائري كان طموحا أم لتبليغ رسالة ما؟ 
 ـ عُينت بالتلفزيون، وكان هدفي من اقتحامه هو تبليغ رسالة البيئة التي كنت مولعة بها ولا أزال لحد الساعة. المجتمع غاب فيه الوعي بأهمية هذا الجانب الإيكولوجي الهام، والذي له تأثير مباشر على صحة الفرد والمجتمع، من خلال الحث على ضرورة تحسين الفرد لسلوكه تجاه المحيط الذي يعيش فيه، وتطور نضالي في هذا المجال وانتقل للإعلام.
 كنت مقدمة لركن خاص بالتغذية في صباحيات، لتصبحي مقدمة البرنامج الرئيسية، ما سر نجاحك؟
ـ كانت فكرة برنامج "صباحيات" في تلك الفترة الصعبة التي كانت تعيشها الجزائر، جريئة جدا وخطوة كبيرة من المسؤولين آنذاك، بطاقم صغير، كان لدي الحظ لأن أكون في البرنامج، ربما لتوفر بعض الشروط كالطريقة السهلة في التواصل مع المشاهد، عفويتي وفصاحتي باللغة العربية كوني مهندسة دولة في البيئة، وكنت أرى برنامج "صباحيات" أمرا شبه مستحيل، خاصة ونحن نبث أربع ساعات على المباشر ونقدم ضيوف وأركان مختلفة.  
  تم تعيينك كرئيسة لفدرالية وطنية لحماية البيئة، حدثينا عن نشاطاتك في هذا المجال؟
 ـ عينت سنة 2000، كرئيسة لفدرالية وطنية لحماية البيئة، وهذا دليل على أن المجتمع الجزائري متفتح، كون أغلب الجمعيات الناشطة في هذا المجال يترأسها رجال، ونادرا ما تكون نساء، وتظم هذه الفدرالية أغلب الجمعيات البيئية عبر كل ولايات الوطن، أين قمنا بالعديد من النشاطات، وكنا قد سطرنا برنامج كبير جدا لتكوين الجمعيات سنة 2005م مع الاتحاد الأوروبي، وما ميز مسيرة الفدرالية هو قيامنا سنة 2006م بالموازاة مع المصالحة الوطنية، بقافلة خضراء جبنا من خلالها 22 ولاية بالحافلة، شارك فيها طلبة وباحثين وأعضاء من الجمعيات بمساهمة المديرية العامة للغابات، وفي 2008م كان هناك مشروع أكبر لإنجاز مركز لتدريب الجمعيات في التكنولوجيات الحديثة والتربية البيئية كان فيها خرجات ميدانية، استفادت منها 300 جمعية على المستوى الوطني.
  كيف تمكنت من التوفيق بين الإعلام والنشاطات التي تقومين بها في مجال البيئة؟
 ـ قد أعتبره تكامل وقوة وليس توفيق، فأنا أستمد قوتي من الطبيعة بعد عمل شاق ومرهق في العمل من خلال تأمل مناظرها الخلابة واستنشاق هوائها النقي، فالإعلام قدم لي الكثير، واستفدت منه أكثر، وهي تجربة لن أندم عليها أبدا، فبفضله أصبحت معروفة ومحبوبة من قبل العديد من الناس الذي يعد حبهم كنز لا يفنى وهو سبب نجاح أو فشل أي إعلامي، وحبي للبيئة هو الذي جعلني أدخل المجال الإعلامي، وأحاول قدر الإمكان أن أساهم ولو قليلا في رفع وعي المواطن حتى يكون له إحساس بالبيئة والمحيط الذي يعيش فيه وكيفية المحافظة عليه، كنت أواجه بعض الصعوبات، حتى أقوم بمشروع في السنة مضبوط ومحك،م لأنه بالموازاة لدي مهام أخرى كوني مسؤولة في التلفزيون الجزائري، لم يكن لدي نهاية أسبوع أو عطلة، أو توقيت معين للانتهاء من العمل، عشت شبه لاغية للوقت من حياتي.
 قمت بعدة تحقيقات ميدانية في فترة كانت الجزائر تعيش وضعا أمنيا غير مستقر، وكان الصحفي مستهدفا، حدثينا عن هذه التجربة؟  
 ـ فعلا، كانت الجزائر تعيش فترة صعبة سنوات التسعينات، وكان الصحفي مستهدفا، إلا أن تلك الظروف لم تقلل من عزيمتي ولم تمنعني من القيام بمهامي كإعلامية، وأنا أعتبر الصحفي في تلك الفترة مثله مثل الجندي، ليس في المظهر وإنما في القناعة والعمل، وكان من المستحيل علي أنا كإنسانة متعلمة وناجحة وكإعلامية لديها رسالة نبيلة، أن أجلس مثلي مثل أي امرأة ماكثة في البيت لأن الظروف لم تكن جيدة، بل بالعكس كانت لدي درجة من الوعي والقناعة، فأنا أفكر في الواجب وما سأقدمه وليس في المخاطر التي قد أواجهها، كما أني أؤمن بالقضاء والقدر، فقد لا أعمل شيء وأموت غدا، وقد أعمل شيء كبير ولا أموت، فالخيار هو أن أعمل وهذا هو مبدئي في الحياة.     
  في فترة عرف التلفزيون الجزائري انتقال العديد من الوجوه الإعلامية نحو القنوات الفضائية العربية والأجنبية، ألم تفكري في خوض هذه التجربة؟ 
 ـ حقيقة لم أفكر في الانتقال لقنوات فضائية أخرى، لأنه لم يكن لدي وقت أصلا للتفكير في الموضوع، فأنا كنت منشغلة طيلة الوقت بعملي وما أقدمه، صحيح تلقيت عروضا، كان هناك عروض من قنوات فرنسية وعربية، وكان لدي عرض من قناة "أم بي سي" في بداياتها، لكني لم أتحمس كثيرا للفكرة، ولم أكن من الصحفيات اللاتي كن في اتجاه البحث عن الذهاب، كما أني لم أفكر يوما في الجانب المادي المغري الذي كانت تقدمه تلك القنوات، بالإضافة إلى أني لا أستطيع العيش خارج وطني الأم التي مهما حدث فهي حاضنة الجميع، وما دمت أعيش فيه فأنا أحيا وأتنفس ولدى خروجي منه أحس أني أختنق.
  ما رأيك في فتح المجال السمعي البصري أمام الفضائيات المستقلة، وهل تعتقدين أن القنوات الفضائية الخاصة تنافس التلفزيون الجزائري؟
ـ الإعلام الفضائي يسع الجميع، وهي إضافة جميلة للجزائر، خاصة ونحن نعيش في مجتمع تركيبته مختلفة جدا، ولا يمكن لقناة أو اثنين أن تلبي جميع الأذواق والطلبات، فعلى سبيل المثال تجد أفراد العائلة الواحدة كل منهم يود مشاهدة برنامج معين، فلما لا يكون للجزائر عدة قنوات فضائية تعالج قضايا ومواضيع بموضوعية.
نحن بحاجة إلى قنوات تحاول أن تعكس واقع المجتمع الجزائري، وليس قنوات تحاول أن تزرع فتنة أو قنوات تحاول أن تستغل الأوضاع أو بعض المواقف لتحدث في المجتمع غليان، فنحن نعرف أن صورة الإعلام مؤثرة ولها وقع كبير في نفسية المجتمع الذي يضم مختلف الشرائح، إلا أنها تبقى قنوات جزائرية، ولا أشك في أنها لا تريد الخير للجزائر، وتبقى الاحترافية والتجربة جد مهمين.
فالتلفزيون الجزائري رغم أنه مر على تأسيسه 50 سنة، إلا أنه لا زال يعرف العديد من النقائص.
وبالنسبة للمنافسة، فأنا لا أرى أي منافسة بين التلفزيون الجزائري والقنوات الخاصة الجديدة، نحن نتمنى أن تكون هناك منافسة، ونبحث عن التميز، فمهما تعددت القنوات الفضائية الجزائرية فنحن نثمنها وهي إضافة إيجابية والمجال مفتوح للمنافسة، وعلى هذه القنوات أن تخدم المجتمع وليس أن تخدم ما يعكر صفوه، فهناك أمور قد نقرأ عنها في الجرائد ليس بالضروري أن نراها على الشاشة التلفزيونية، فدور الإعلام يكمن في تقديم خدمة لهذا المجتمع، فعندما يكون أي مشكل في الجزائر يجب أن تلتف حوله كل قناة حسب اتجاهها، من خلال الحوار البناء والصورة الإيجابية وليس من خلال الفوضى وخلق البلبلة، ويجب أن يكون عملا احترافيا لديه بعد نظر لأن تأثير الصورة سيبقى لسنوات.   
 اهتماماتك كثيرة ومسؤولياتك أكبر، فكيف توفقين بين عملك وواجباتك كأم؟
ـ أن تكوني عاملة مسؤولة وربة بيت في آن واحد، ليس بالهين وهو خيار يتطلب الكثير من الجهد والتضحية، فأنا أم لبنتين، إحداهما في الطور الثانوي والأخرى في المتوسط، تركتهم يكونون شخصيتهم بأنفسهم، حتى يكون لهم قرار وأفكار وشخصية مستقلة في حياتهم، وأن تكون الفتاة مقتنعة بما تقوم به.
لدي بنتان، لكل منهما شخصية مختلفة عن الأخرى، ليس علينا أن نربي أولادنا حتى يكونوا نسخة طبق الأصل منا، فأنا أفضل أن نقدم نموذجا آخر ناجحا وليس بالضرورة في مجال الإعلام، كما أني علمت بناتي الاعتماد على أنفسهم منذ صغرهم، فبحكم عملي وارتباطاتي لم يكن لدي الوقت، خاصة لتدريسهم، فأنا ضد فكرة تدريس الأطفال في البيت، لأنه لا يمكن تعويض مكان الأستاذ، فهو لديه طريقة وأسلوبه لإيصال المعلومة للتلميذ، فأنا أفضل أن تعتمد على نفسها وتقوم بالتوجه لأستاذها في حال صادفها أي غموض في الدروس، وهي فعلا تجربة ناجحة بامتياز.
  كلمة أخيرة..
ـ في الأخير، أشكركم على الزيارة وأتمنى التألق والنجاح ليومية "الإخبارية"، إن شاء الله سنة 2014 تكون سنة خير علينا، سنة حصد الزرع الطيب، وسنة تثمين لكل ما أنجزناه وأنجزه رجال هذا الوطن، وأن تكون نقلة نوعية لجزائر طموحة جدا بشبابها، فبعد 50 سنة من الاستقلال، نحن الآن دخلنا 50 سنة أخرى في الجمهورية الجزائرية الثانية، نتمنى أن تكون على أسس صحيحة بكل طاقاتها. 
------
نقلا عن يومية "الإخبارية"
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق